ولعله يريد أن يقول للنفس لا تبتهجي بثمار هذه الدنيا أو جنايتها فإن الموت واحد وأن تعددت أسبابه، فهناك الكثيرون من هؤلاء الناس الغافلين عن حقيقة الحياة يأملون ويمنّون أنفسهم بالأماني والأحلام ويقضون كل حياتهم في تحقيق هذه الأماني والأحلام غافلين عن المصائب والنكبات التي قد تحل بهم فجأة.

وكذلك يقول:

طورا نمدك في نعمى وعافية ... وتارة في قرار البؤس والوصم (?)

كم ضللتك ومن تحجب بصيرته ... ان يلق صابا يرد أو علقما يسم (?)

يا ويلتاه لنفس راعها ودها ... مسودة الصحف في مبيضة اللمم (?)

فيبين أن هذه الدنيا منذ بداية هذا الكون تعطي وتأخذ، تفرح وتبكي، فبقدر ما تعطيك من نعم وخير وعافية، بقدر ما تأخذ منك وتصيبك بالالام والمرض والفقر والذل، فهي لا تدوم لأحد، ودوام الحال من المحال، ويقول الشاعر أن هذه الدنيا كثيرا ما تضلل الإنسان وتحجب عنه حقيقة الحياة فيهيم في دنياه بلا بصيرة، وتجعله لا يفرق بين الحلو والمرثم يتحسر للنفس التي تقضي حياتها في اللهو واللعب وارتكاب المعاصي والذنوب مسودة صفحة الحساب حتى يدركه المشيب، ويؤكد الشاعر أن الدنيا تقود النفس في ملذاتها وحتى تنغمس في معاصيها فلا تترك فرصة لكي يراجع نفسه، ولكي ينقذ نفسه من التهلكة بعد أن أدرك الحقيقة المرة. ويستمر شوقي في أبياته:

ركضتها في مربع المعصيات وما ... اخذت من حمية الطاعات للتخم (?)

هامت على أثر اللذات تطلبها ... والنفس ان يدعها داعي الصبا تهم (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015