ويقول:
يا نفس دنياك تخفى كل مبكية ... وان بدا لك منها حسن مبتسم (?)
قضى بتقواك فاها كلما ضحكت ... كما يفيض اذى الرقشاء بالثرم (?)
ويريد الشاعر بهذا أن ينصح نفسه بأن لا تغتر بمباهج الدنيا وابتسامتها، فقد تخفى في الغيب ما يبكي ويحزن فمثلها في ذلك مثل الحية الرقطاء، لها لون جميل ولكنها تخفي في فمها السم، والابتسام لا يأتي إلا من الفم، والسم لا يأتي إلا من الفم كذلك، فوضع شوقي ابتسام الدنيا الزائف نظيرا لسم الحية القاتل.
ثم يقول:
مخطوبة منذ كان الناس خاطبة ... من أول الدهر لم ترمل ولم تئم (?)
يفني الزمان ويبقى من اساءتها ... جرح بادم يبكي منه في الادم (?)
فهذه الدنيا في نظر الشاعر كانت مطلوبة منذ بدء الخليقة، فالإنسان دائما يسعى إليها، فهي جذابة مغرية لبني البشر فيتكالبون عليها كما يتكالب الخطباء لخطبة امرأة جميلة لا تترمل أبدا وأنها تحمل من الماسي ما لا يفني بمر الزمان، كما حدث عن كيدها لادم عليه السلام.
ويقول الشاعر:
لا تحلفني بجناها أو جنايتها ... الموت بالزهر مثل الموت بالفحم (?)
كم نائم لا يراها وهي ساهرة ... لولا الأماني والأحلام لم تنم (?)