عندما غزت وقهرت دولة الروم ودولة الفرس لم تطمع في ثراء هاتين الدولتين، ولكنها طمعت في نشر هذه الدعوى السمحاء بين أفرادهما.
ويقول:
كم شيد المصلحون العاملون بها ... في الشرق والغرب ملكا باذخ العظم
للعلم والعدل والتمدين ما عزموا ... من الأمور وما شيدوا من الحزم (?)
سرعان ما فتحوا الدنيا لملتهم ... وانهلوا الناس من سلسالها الشم (?)
ساروا عليها هداة الناس فهي بهم ... إلى الفلاح طريق واضح العظم (?)
لا يهدم الدهر ركنا شاد عدلهم ... وحائط البغي أن تلمسه ينهدم
ليؤكد شاعرنا تأكيدا واضحا أن الأمة الإسلامية استمرت في هذه الفتوحات وهذا التوسع، فهي متمسكة بهذه الشريعة الغراء فوصل ملكها وحكمها إلى الهند والسند وأوربا وأفريقيا، وسيطر المسلمون بأفكارهم قبل سلاحهم، وبشريعتهم التي هي شريعة الله على عقول أهالي وسكان هذه المناطق التي فتحوها وصاروا أئمة وقادة وعلماء وقضاة علموا سكان العالم التدين والتحضر والتقدم على هدى الإسلام وتعاليمه حتى ظهر من هذه الأمم التي سيطرت عليها أفكارهم وشريعة الله علماء مثل: الخوارزمي من خوارزم، وابن خالدون من المغرب، وابن سينا من روسيا، والبخاري من بخاري.. وغيرهم من علماء وفلاسفة وشعراء المسلمين، وبهذه الفتوحات السريعة التي سيطروا بها على هؤلاء الأقوام حولوا كل الدنيا المعروفة ان ذاك إلى دولة التوحيد تحكم في ضوء شريعة الله، وكأنهم قد أعطوا الظمأى إلى واحدانية الله قداسة وطهارة هذا الدين