بينه وبين الله، فإنه ائتمن عبده على إقامة الواجبات وترك المحرمات، فالقيام بذلك أداء للأمانة ومراعاة لها، وترك بعض الواجبات وخصوصا السرية التي لا يطلع عليها إلا الله، أو التجرؤ على بعض المحرمات ترك للأمانة واتصاف بالخيانة، ويشمل أيضا الأمانات التي بينك وبين الخلق في الدماء والأموال والحقوق، فمن قام بها فقد أدى الأمانة وحفظها، ومن تعدى فيها أو فرط أو خان فقد تجرأ على الخيانة.

" العهد والعقد ": يشمل العهود والعقود التي بين العبد وبين ربه، فإن الله عقد بينه وبين المكلفين عقدا، وعاهدهم عهدا بإقامة ما خلقوا له من عبادته، والقيام بحقوقه، فإقامة ذلك وفاء لهذا العقد والعهد، وإهماله نقض للعهد والعقد والثقة، وكذلك العهود والعقود التي بينه وبين الخلق يتعين الوفاء بها، ويشمل ذلك عقود المعاملات كلها من دون استثناء.

" الشجاعة والجُبن والتهور ": أثنى الله في كتابه على الشجاعة، ومدح أهلها، وأمر بها، وذم الجبن والتهور، فالشجاعة قوة القلب وثباته وإقدامه على الأقوال والأفعال في موضع الإقدام بحكمة وحنكة، فإن أقدم عليها في حال لا يحل له الإقدام قيل لذلك: تهور وجراءة وحمق وإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وأما الجُبن فهو ضد الشجاعة ضعف القلب وخوره، ويتبع ذلك خور الأعمال والخوف مما لا يخاف، وهيبة من لا يهاب، فالشجاعة خلق فاضل جليل بين خلقين ذميمين رذيلين: بين التهور، الذي هو غلو وزيادة عن الحد، وبين الجبن، الذي هو تفريط وتقصير وضعف وخور، ونظير ذلك (القوام والبخل والتبذير) في تصريف الأموال، بذلها فيما ينبغي من واجب ومستحب ونافع على الوجه الذي ينبغي، يقال لذلك: قوام واعتدال وتوسط واقتصاد، فإن منع الواجبات فهو البخل، وصاحبه بخيل، وإن أسرف وزاد في النفقة عما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015