نهايتها وغايتها.
فلا يمكن الجمع بين النقيضين: أن يتعلمه من هذا الأبكم أعجمي اللسان، الذي لم يعرف عنه علم يرجع إليه، ولا معرفة يتميز بها، وهذا القرآن الذي جاء به مع كمال بلاغته حوى علوم الأولين والآخرين.
ولما كان هذا القول الذي قالوه، والمكابرة التي تجرءوا عليها قد علم الموافق والمخالف كذبها وافتراءها، وكان جميع أعداء الرسول لهم ورثة، يقومون بالعداوة للرسول والدين، ويعطونها حقها ولو جلبت عليهم ما جلبت من الدخول في الكذب والافتراء والمكابرة، وقد عرف هؤلاء الأعداء المتأخرون مكابرة إخوانهم الذين باشروا تكذيب الرسول، ورأوا أن مقالتهم قد بطلت واضمحلت، وبان زورها لكل أحد، صاغها هؤلاء المكذبون بعبارة موهوها، وظنوا أنها بهذا التمويه تروج، فزعموا - وما أسمجه وأكذبه من زعم - أن محمدا كان يتعلم من نفسه؛ وأنه كان يخلو بالطبيعة: السماء والأرض والشمس والقمر والنجوم، فيعطيها لبه، ويناجيها بقلبه، فيخيل إليه أصناف التخاييل، فيأتي بها إلى الناس زاعما أنها من وحي الله على يد جبريل، وأن هذه التخيلات من الأمور العالية التي يعتاد الإتيان بها أهل الرأي والحجى.
ولما رأوا آثارها الجليلة في الإسلام وأهله، وتعاليمه وتقويمه للأمم، وبهرهم هذا النور العظيم لجأوا إلى هذا التحذلق الذي منتهاه وغايته أنهم صوروا النبي صلى الله عليه وسلم ورقوه إلى رجل من الطبيعيين، كما قال هذا القول الباطل أحد ملاحدة الإفرنسيين، وتلقاها عنه بعض الملاحدة العصريين، وهو مبني على إنكار وجود رب العالمين، وأنه ما ثم إلا عمل الطبيعة، وقد علم