مظانها وينابيعها، وبين لهم فوائد ذلك كله وثمراته، وشرح لهم الصراط المستقيم، اعتقاداته وأخلاقه وأعماله، وما لسالكه عند الله من الخير العاجل والآجل، وما على المنحرف عنه من العقاب والضرر العاجل والآجل.
فكان خيار المؤمنين بهذا التعليم الصادر من النبي الكريم مباشرة، وتبليغا من العلماء الربانيين الراسخين في العلم، ومن الهداة المهديين، ومن أكابر الصديقين، وحصل لسائر المؤمنين من هذا التعليم نصيب وافر من الخير العظيم على حسب طبقاتهم ومنازلهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، فخرجوا بهذا التعليم من جميع الضلالات، وانجالت عنهم الشرور المتنوعة والجهالات، وتم لهم النور الكامل، وانقشعت عنهم الظلمات.
فيا لها من نعمة لا يقدر قدرها، ولا يحصي المؤمنون كنه شكرها.
11 - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا - وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا - قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 4 - 6]
ذكر الله تعالى في هذا قدح المكذبين لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإدلاءهم بهذه الشبه التي يعلمون ويعلم الناس بطلانها، فزعموا أنه افترى هذا القرآن، وأنه ساعده على ذلك قوم آخرون، فرد الله عليهم هذه المقالة المنتهية في القبح بأن هذا ظلم عظيم، وجراءة يعجب السامع كيف سولت لهم أنفسهم هذا القول الهراء، وأنه من الزور والظلم؛ فإنهم قد كانوا يعرفون بلا شك صدقه وأمانته التي لا يلحقه فيها أحد، وأنه لم يجتمع بأحد من أهل العلم، ولا رحل في طلبه، وقد