التنقلات من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنّة، ومن ذل إلى عز، ومن أمن إلى خوف وبالعكس، ومن ملك إلى رق وبالعكس، ومن فرقة وشتات إلى انضمام وائتلاف وبالعكس، ومن سرور إلى حزن وبالعكس، ومن رخاء إلى جدب وبالعكس، ومن ضيق إلى سعة وبالعكس، ومن وصول إلى عواقب حميدة، فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب.
ومنها: ما فيها من أصول تعبير الرؤيا المناسبة، وأن علم التعبير علم مهم يعطيه الله من يشاء من عباده، وأن أغلب ما تبنى عليه المناسبات وضرب الأمثال والمشابهة في الصفات.
فوجه مناسبة رؤيا يوسف: أنه رأى الشمس والقمر والكواكب الأحد عشر ساجدين له، أن هذه زينة للسماء، وفيها منافعها، فكذلك الأنبياء والعلماء والأصفياء زينة الأرض، وبهم يهتدى في الظلمات كما يهتدى بالأنوار السماوية، ولأن أباه وأمه أصل، وإخوته فرع عنهما، فمن المناسب أن يكون الأصل أعظم نورا وجرما من الفرع، فلذلك كانت الشمس أمه أو أبوه، والقمر الآخر منهما، والكواكب إخوته، ومن المناسب أن الساجد محترم لمن سجد له، والمسجود له معظم محترم، فدل ذلك على أن يوسف يصير معظما محترما لأبويه وإخوته، ولا يتم هذا إلا بمقدمات تقتضي الوصول إلى هذا: من علوم وأعمال واجتباء من الله، فلهذا قال:
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: 6]
ومنها: المناسبة في رؤيا الفتيين، حيث عبر رؤيا من رأى أنه يعصر