الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن حَيْثُ أَخذ فِيهِ التَّوَاتُر (يبطل إِطْلَاق عدم الْفساد) للصَّلَاة (بِالْقِرَاءَةِ الشاذة) فِيهَا، إِذْ هِيَ غير متواترة، فَلَا يصدق عَلَيْهِ أَنه قُرْآن، فَيلْزم الإخلاء عَن الْقِرَاءَة فتفسد.
وَاخْتلف فِي المُرَاد بالشاذة، فَقيل: لغير أَئِمَّة الْقِرَاءَة فِيهَا قَولَانِ: أَحدهمَا أَنَّهَا مَا عدا الْقرَاءَات لأبي عَمْرو وَنَافِع وَعَاصِم وَحَمْزَة وَابْن كثير وَالْكسَائِيّ وَابْن عَامر. وَثَانِيهمَا مَا وَرَاء الْقرَاءَات الْعشْر للمذكورين وَيَعْقُوب وَأبي جَعْفَر وَخلف. وَقَالَ ابْن حبَان: لَا نعلم أحدا من من الْمُسلمين حظر الْقرَاءَات بِالثلَاثِ الزَّائِدَة على السَّبع. وَقَالَ غَيره: قد اتّفق المتفقون سلفا وخلفا على أَن الْقرَاءَات الثَّلَاث المنسوبة إِلَى الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة متواترة قرئَ بهَا فِي جَمِيع الْأَمْصَار والأعصار من غير نَكِير فِي وَقت من الْأَوْقَات. قَالَ السُّبْكِيّ: الْمُعْتَمد عِنْد أَئِمَّة الْقِرَاءَة أَن المُرَاد بِالْقِرَاءَةِ الَّتِي لَيست بشاذة كل قِرَاءَة يساعدها خطّ مصحف الإِمَام مَعَ صِحَة النَّقْل ومجيئها على الفصيح من لُغَة الْعَرَب. قَالَ أَبُو شامة: مَتى اخْتَلَّ أحد هَذِه الْأَركان الثَّلَاثَة أطلق على تِلْكَ الْقِرَاءَة شَاذَّة. فِي الدارية لَو قَرَأَ بِقِرَاءَة لَيست فِي مصحف الْعَامَّة كَقِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَأبي تفْسد صلَاته عِنْد أبي يُوسُف وَالأَصَح أَنَّهَا لَا تفْسد، وَلكنه لَا يعْتد بِهِ من الْقِرَاءَة. وَفِي الْمُحِيط تَأْوِيل مَا روى عَن عُلَمَائِنَا أَنه تفْسد صلَاته إِذا قَرَأَ هَذَا وَلم يقْرَأ شَيْئا آخر، لِأَن الْقِرَاءَة الشاذة لَا تفْسد الصَّلَاة فَإِن قيل: كَيفَ لَا تجوز الصَّلَاة بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رغبنا فِي قِرَاءَة الْقُرْآن بقرَاءَته قُلْنَا إِنَّمَا لَا يجوز بِمَا كَانَ فِي مصحفه الأول، لِأَن ذَلِك قد انتسخ، وَابْن مَسْعُود أَخذ بِقِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر عمره، وَأهل الْكُوفَة أخذُوا بقرَاءَته الثَّانِيَة، وَهِي قِرَاءَة عَاصِم فَإِنَّمَا رغبنا فِي تِلْكَ الْقِرَاءَة، كَذَا ذكره الطَّحَاوِيّ وَقَالَت الشَّافِعِيَّة: تجوز الْقِرَاءَة بالشاذة إِن لم يكن فِيهَا تَغْيِير معنى وَلَا زِيَادَة حرف وَلَا نقصانه (وَلزِمَ فِيمَا لم يتواتر) من الْقرَاءَات (نفي القرآنية) عَنهُ (قطعا غير أَن إِنْكَار الْقطعِي إِنَّمَا يكفر) بِهِ الْمُنكر (إِذا كَانَ) ذَلِك الْقطعِي (ضَرُورِيًّا) من ضروريات الدّين على مَا هُوَ التَّحْقِيق (وَمن لم يشرطه أَي كَون الْقطعِي الَّذِي يكفر منكره ضَرُورِيًّا كالحنفية يكفر منكره (إِذا لم يثبت فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْقطعِي (شُبْهَة قَوِيَّة) لقُوَّة مَا يُورثهَا، وَاحْتَاجَ دَفعهَا إِلَى مُقَدمَات كَثِيرَة كَمَا يظْهر فِي الْمِثَال كإنكار ركن من أَرْكَان الْإِسْلَام مثلا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شُبْهَة (فَلِذَا) أَي لاشْتِرَاط انْتِفَاء الشُّبْهَة الْمَذْكُورَة فِي التَّكْفِير (لم يتكافروا) أَي لم يكفر كل من الْمُخَالفين (فِي التَّسْمِيَة) الآخر لوُجُود الشُّبْهَة القوية فِي كل طرف لقُوَّة دَلِيله، لِأَن الْمُنكر حِينَئِذٍ غير مكابر للحق، وَلَا قَاصد إِنْكَار مَا ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَإِن قلت كل من النَّفْي وَالْإِثْبَات يحْتَاج إِلَى دَلِيل قَطْعِيّ، إِذْ لَا يجوز نفي قرآنيتها وَلَا إِثْبَاتهَا إِلَّا بِهِ