الْمُتَعَلّق بِمُوجب النّذر ابْتِدَاء طلب فعل عين الْمَنْذُور، فَإِذا لم يؤده حِينَئِذٍ يجب خَلفه من الْقَضَاء كَمَا هُوَ الْمُتَعَارف فِي الْقَضَاء، وَلَا يكون المنظور أَولا ظُهُور الْأَثر فِي الْقَضَاء بِحَيْثُ لَا يبرأ بصومه (وَجب نَفيهَا) أَي صِحَة النّذر، لِأَنَّهُ نذر بِمَعْصِيَة وَهُوَ مَنْهِيّ عَنهُ، وَمَا ذكر من وجوب بطلَان مثل صَوْم يَوْم الْعِيد، وَوُجُوب عدم الْقَضَاء بالإفساد لما عَرفته، وَعدم صِحَة النّذر بِمُجَرَّد ظُهُور الْأَثر فِي الْقَضَاء وَعدم وجوب الْأَدَاء أَولا، وَعدم الْبَرَاءَة بصومه إِنَّمَا هُوَ مُقْتَضى رَأْي المُصَنّف رَحمَه الله بِمُوجب الدَّلِيل (خلافًا لَهُم) أَي للحنفية فِي ذَلِك كُله، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ بأضداد ذَلِك على مَا هُوَ الْمَذْكُور فِي المطولات من كتبهمْ. وَفِي الشَّرْح تَفْصِيل لَهَا (وَمَا خَالف) مَا ذكرنَا من وجوب بطلَان الْعِبَادَات الَّتِي تعلق بهَا نهي التَّحْرِيم (فلدليل) يَقْتَضِي مُخَالفَة ذَلِك (كَالصَّلَاةِ) النَّافِلَة (فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة على ظنهم) أَي الْحَنَفِيَّة فَإِنَّهُم حكمُوا بِصِحَّتِهَا مَعَ النَّهْي الْمحرم أَو الْمُوجب لكَرَاهَة التَّحْرِيم، فَفِي صَحِيح مُسلم وَالسّنَن الْأَرْبَع " ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينهانا أَن نصلي فِيهِنَّ وَأَن نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا: حِين تطلع الشَّمْس بازغة حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تَزُول، وَحين تضيف الشَّمْس للغروب حَتَّى تغرب " وَفِي قَوْله إِلَى ظنهم إِشَارَة إِلَى أَنه خلاف مَا يرضيه، ثمَّ أَشَارَ إِلَى رفع منشأ ظنهم بقوله (وَكَون مسماها) أَي الصَّلَاة (لَا يتَحَقَّق إِلَّا بالأركان) وَالنَّهْي عَن مُسَمّى الصَّلَاة فرع تحَققه، وَإِلَّا فَإِن كَانَ مِمَّا لَا يتَحَقَّق على تَقْدِير الْإِتْيَان بصورته يلْزم عدم الْفَائِدَة للنَّهْي، فَثَبت أَنه إِذا أَتَى بِصُورَة الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة يتَحَقَّق هُنَاكَ حَقِيقَة الصَّلَاة بأركانها والشروع فِي النَّفْل يلْزم، فَعِنْدَ الْإِفْسَاد يجب الْقَضَاء، فَأَشَارَ إِلَى دفع هَذَا بقوله (لَا يقتضى) أَي الْكَوْن الْمَذْكُور (وجوب الْقَضَاء) عِنْد الْإِفْسَاد (لِأَنَّهُ) أَي وجوب الْقَضَاء عِنْده (بِوُجُوب الْإِتْمَام قبل الْإِفْسَاد، وَالثَّابِت) بِالنَّهْي الْمَذْكُور (نقيضه) أَي نقيض وجوب الْإِتْمَام وَهُوَ حرمته، بل حُرْمَة الشُّرُوع فِيهِ وَلَا بُد فِي إتْمَام هَذَا الْبَحْث من الْتِزَام أحد الْأَمريْنِ: منع اقْتِضَاء النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة تحقق أَرْكَانهَا عِنْد الْإِتْيَان بصورتها على وَجه تتَحَقَّق حَقِيقَتهَا. أَو منع كَون الشُّرُوع فِي النَّفْل ملزما على الْإِطْلَاق: بل إِذا لم يكن مَنْهِيّا عَنهُ (وَيلْزم) كَون مسماها لَا يتَحَقَّق إِلَّا بالأركان (أَن تفْسد) الصَّلَاة (بعد رَكْعَة) لِأَنَّهُ قبل الرَّكْعَة لَا تتَحَقَّق أَرْكَان الصَّلَاة من الْقيام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود، وَبعد مَا تتَحَقَّق الرَّكْعَة فَيتَحَقَّق مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الصَّلَاة بتحقق ارْتِكَاب الْمنْهِي الْمُوجب للإفساد (وَهُوَ) أَي الْفساد بعد رَكْعَة (مُنْتَفٍ عِنْدهم) وَحِينَئِذٍ (فَالْوَجْه أَن لَا يَصح الشُّرُوع لانْتِفَاء فَائِدَته) أَي الشُّرُوع (من الْأَدَاء وَالْقَضَاء) لما قُلْنَا (وَلَا مخلص) مِمَّا أوردنا عَلَيْهِم من بطلَان الصَّلَاة وَعدم وجوب الْقَضَاء