وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ أَحْكَام فَلَا يتَحَقَّق بِدُونِ الشَّرْع، ورد بِأَن المتوقف حِينَئِذٍ وصف كَونه عبَادَة فَفِي الْحسي أَيْضا وصف كَون الزِّنَا مثلا مَعْصِيّة لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِالشَّرْعِ، ففسره المُصَنّف بِمَا يكون لَهُ مَعَ تحَققه الْحسي تحقق شَرْعِي بأركان وشرائط اعتبرها الشَّرْع بِحَيْثُ لَو انْتَفَى بَعْضهَا لم يحل الشَّارِع ذَلِك الْفِعْل وَلم يحكم بتحققه كَالصَّلَاةِ بِلَا طَهَارَة، وَالْبيع الْوَارِد على مَا لَيْسَ بِمحل انْتهى، وَيُمكن أَن يحمل عَلَيْهِ مَا ذكره المُصَنّف بِأَن يُرَاد بمعرفته معرفَة تحَققه على وَجه يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الحكم فمعرفة تحقق الصَّلَاة على وَجه يَتَرَتَّب عَلَيْهَا أَنَّهَا مجزئة يتَوَقَّف على معرفَة شرائطها الشَّرْعِيَّة، بِخِلَاف الزِّنَا فَإِن الْعلم بتحققه الْحسي الْمُتَرَتب عَلَيْهِ الحكم لَا يتَوَقَّف على الشَّرْع (إِلَّا بِدَلِيل أَنه) أَي الْمنْهِي عَنهُ (لوصف ملازم أَو) منفك عَنهُ (مجاور) لَهُ فَيكون النَّهْي حِينَئِذٍ لغيره، وَهُوَ ذَلِك المجاور (كنهي قرْبَان الْحَائِض) فَإِن النَّهْي عَن وَطئهَا إِنَّمَا هُوَ لِمَعْنى الْأَذَى، وَهُوَ مجاور للْوَطْء غير مُتَّصِل بِهِ، وَلَيْسَ بِلَازِم لَهُ: إِذْ قد يَنْفَكّ عَنهُ مَا فِي حَالَة الطُّهْر (أما) الْفِعْل (الشَّرْعِيّ) وَهُوَ مَا تتَوَقَّف مَعْرفَته على الشَّرْع (فلغيره) أَي فالنهي عَنهُ لغيره من جِهَة كَونه (وَصفا لَازِما للتَّحْرِيم أَو كَرَاهَته) أَي كَرَاهَة التَّحْرِيم (بِحَسب الطَّرِيق) الموصلة لَهُ إِلَيْنَا من قطع أَو ظن (للُزُوم الْمنْهِي) تَعْلِيل للُزُوم ذَلِك الْوَصْف التَّحْرِيم الَّذِي هُوَ مثار النَّهْي للمنهي (كَصَوْم) يَوْم (الْعِيد) فَإِن الصَّوْم الشَّرْعِيّ لَا يعرف إِلَّا من قبل الشَّرْع وَقد نهى لِمَعْنى اتَّصل بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَحل الْأَدَاء وَصفا لَازِما لَهُ وَهُوَ كَونه يَوْم ضِيَافَة الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَفِي الصَّوْم إِعْرَاض عَنْهَا فَكَانَ حَرَامًا للْإِجْمَاع عَلَيْهِ لَا أَنه مَكْرُوه تَحْرِيمًا لثُبُوته بِخَبَر الْآحَاد (أَو) فلغيره من جِهَة كَونه وَصفا (مجاورا) لَهُ (مُمكن الانفكاك) عَنهُ (فالكراهة) أَي فالنهي عَن الْفِعْل لمجاور كَذَا نفس الْكَرَاهَة كَمَا قَالَ نفس التَّحْرِيم (وَلَو) كَانَ طَرِيق ثُبُوت النهى (قطيعا كَالْبيع وَقت النيداء) أى أَذَان الْجُمُعَة بعد زَوَال الشَّمْس، فان النهى عَنهُ لوصف مجاور مُمكن الانفكاك مشار إِلَيْهِ بقوله (لترك السَّعْي) أَي للإخلال بالسعي الْوَاجِب، أما الانفكاك فَلِأَن البيع يُوجد بِدُونِ الْإِخْلَال بالسعي بِأَن يتبايعا فِي الطَّرِيق ذَاهِبين إِلَيْهَا، والإخلال بالسعي يُوجد بِدُونِ البيع بِأَن يمكثا فِي الطَّرِيق من غير بيع، وَلما لم يكن البيع الْمنْهِي عَنهُ للمجاور الْمُمكن الانفكاك منافيا لحكم الْخطاب الأول: أَعنِي وجوب السَّعْي وَكَانَ مخلا بِهِ فِي الْجُمْلَة فتنزل عَن مرتبَة الْحُرْمَة والبطلان إِلَى الْكَرَاهَة فهم ضمنا إِذا كَانَ الْمنْهِي عَنهُ منافيا لحكم الْخطاب الأول كَانَ بَاطِلا وَصرح بِمَا علم ضمنا فَقَالَ (فَإِن نافى) الْمنْهِي عَنهُ الشَّرْعِيّ بِاعْتِبَار حكمه حكم (الأول فَبَاطِل) أَي فَذَلِك الْمنْهِي عَنهُ بَاطِل إِن فعل لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ ثَمَرَة (كَنِكَاح الْمَحَارِم) فَإِنَّهُ (لَيْسَ حكمه) أَي حكم هَذَا النِّكَاح (إِلَّا الْحل المنافى