تيسير التحرير (صفحة 373)

وَندب فِيهِ فعل، فَإِن استغراق الْأَوْقَات بالمندوبات مَنْدُوب، بِخِلَاف الْوَاجِب فَإِنَّهُ لَا يستغرقها، فَيكون الْفِعْل فِي غير وَقت لُزُوم أَدَاء الْوَاجِب مُبَاحا وَلَا يلْزم نفي الْمُبَاح (وَعلمت) أَن (مرجع) قَول (فَخر الْإِسْلَام) وَهُوَ أَن الْأَمر يَقْتَضِي كَرَاهَة الضِّدّ وَلَو إِيجَابا وَالنَّهْي كَونه سنة مُؤَكدَة وَلَو تَحْرِيمًا (إِلَى) قَول (الْعَامَّة) من أَن الْأَمر بالشَّيْء نهى عَن ضِدّه إِن كَانَ وَاحِدًا وَإِلَّا فَعَن الْكل وَأَن الْأَمر بالضد المتحد، وَفِي بعض النّسخ المتعدد بِوَاحِد غير معِين، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِرُجُوعِهِ إِلَيْهِم عدم الْمُخَالفَة بَينهم: وَإِنَّمَا علم ذَلِك بتقييد الضِّدّ فِي الْمُتَنَازع فِيهِ بالمفوت، وَحمل كَلَامه على المفوت، فعلى هَذَا ذكر الْكَرَاهَة فِي جَانب الْأَمر وَالسّنة فِي جَانب النَّهْي لَا يُوجب الِاخْتِلَاف بَين قَوْله وَقَوْلهمْ (وَلَا يخفى أَن مَا مثل بِهِ) فَخر الْإِسْلَام (لكَرَاهَة الضِّدّ من أَمر قيام الصَّلَاة) بَيَان للموصول مُبينًا لَهُ بقوله (لَا يفوت) امْتِثَال الْأَمر الْمَذْكُور (بالقعود فِيهَا) أَي فِي الصَّلَاة: إِذْ لَيْسَ الْقعُود ضدا مفوتا للْقِيَام لجَوَاز أَن يعود إِلَيْهِ لعدم تعْيين الزَّمَان (وَيكرهُ) عطف على قَوْله لَا يفوت (اتفاقي) خبر أَن: يَعْنِي إِنَّمَا أجتمع كَرَاهَته مَعَ الْأَمر بِالْقيامِ اتِّفَاقًا (لَا من مُقْتَضى الْأَمر) لِأَن مُقْتَضى الْأَمر النَّهْي عَن الضِّدّ المفوت، وَالْقعُود بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقيام لَيْسَ كَذَلِك لما عرفت (بل مَبْنِيّ الْكَرَاهَة) أَمر (خَارج) عَن مُقْتَضى الْأَمر (وَهُوَ التَّأْخِير) عَن وقته الْمسنون لَهُ (وَإِلَّا) لَو كَانَ الْقعُود مفوتا لَهُ (فَسدتْ) وَكَانَ ذَلِك الْقعُود حَرَامًا (وَكَذَا قَول أبي يُوسُف بِالصِّحَّةِ) أَي بِصِحَّة السَّجْدَة الْمَأْمُور بهَا فِي الصَّلَاة (فِيمَن سجد) أَي فِي حق من سجد (على مَكَان نجس فِي الصَّلَاة وَأعَاد) السَّجْدَة (على) مَكَان (طَاهِر) لَيْسَ من مُقْتَضى الْأَمر (لِأَنَّهُ) أَي سُجُوده على نجس (تَأْخِير السَّجْدَة الْمُعْتَبرَة) وَهِي المستجمعة شَرَائِط الصِّحَّة (عَن وَقتهَا لَا تَفْوِيت) لَهَا (وَهُوَ) أَي تَأْخِيرهَا عَن وَقتهَا الْمسنون لَهَا (مَكْرُوه وفسدت) الصَّلَاة (عِنْدهمَا) أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله (للتفويت) لأمر الطَّهَارَة (بِنَاء على أَن الطَّهَارَة فِي الصَّلَاة) وصف (مَفْرُوض الدَّوَام) أَي فِي جَمِيع أَجزَاء الْوَقْت الَّذِي هُوَ فِي الصَّلَاة، وَقد فَاتَ فِي جُزْء مِنْهَا فَإِن قلت أَبُو يُوسُف رَحمَه الله لَا يعْتَبر ذَلِك الْجُزْء من أَجزَاء الصَّلَاة: بل هُوَ خَارج فاصل بَين الْأَجْزَاء قلت بل هُوَ من الْأَجْزَاء بِدَلِيل ترَتّب الْأَحْكَام اللَّازِمَة على الْمُصَلِّي بِالتَّحْرِيمِ لَهَا فِي ذَلِك الجزيء من الْوَقْت وَذكر الشَّارِح أَن حِكَايَة الْخلاف بَينهم هَكَذَا مَذْكُورَة فِي عير وَاحِد من الْكتب، وَذكر الْقَدُورِيّ أَن النَّجَاسَة إِن كَانَت فِي مَوضِع سُجُوده فروى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَن صلَاته لَا تُجزئ إِلَّا أَن يُعِيد السُّجُود على مَوضِع طَاهِر، وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد، وروى عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنَّهَا تُجزئ بِغَيْر إِعَادَة، وَجه الأولى أَن السُّجُود كالقيام فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015