تيسير التحرير (صفحة 1046)

ذكر الْحَقِيقَة مَوضِع الْحق مُبَالغَة، وَإِذا كَانَ الْعلم بِالصِّحَّةِ مَوْقُوفا على الْعلم بالمانعية وَبِالْعَكْسِ كَانَ الدّور دور ترَتّب، إِذْ مَا بِهِ الْعلم بالشَّيْء قبل الْعلم بذلك الشَّيْء بِالذَّاتِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَهُوَ) أَي توقف كل مِنْهُمَا على الآخر (ترَتّب) أَي دور تقدم (بل الْجَواب أَنا نظن صِحَّتهَا) أَي الْعلية (أَولا بِمُوجبِه) أَي الظَّن (ثمَّ نستقرئ الخ) أَي الْمحَال لاستعلام معارضه من التَّخَلُّف، لَا لمَانع فَإِن لم نجد اسْتمرّ الظَّن بِصِحَّتِهَا إِلَى آخر مَا ذكر قَرِيبا فَارْجِع إِلَيْهِ (وَيجْرِي فِيهِ) أَي فِي هَذَا الْجَواب مَا جرى فِي الْجَواب السَّابِق، وَهُوَ (إِشْكَال الْمُقَارنَة) أَي إِذا كَانَ الْعلم بالتخلف مُقَارنًا للْعلم بِالصِّحَّةِ لَا يَتَأَتَّى الْجَواب، فَإِن الْمَوْقُوف على الْعلم بالمانعية إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِمْرَار (وَدفعه) أَي وَيجْرِي أَيْضا دفع الْإِشْكَال الْمَذْكُور بِأَن يُقَال مَا يتَوَقَّف على الْعلم بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْعلم بالمانعية بِالْفِعْلِ إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِمْرَار، وَمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْعلم بِالصِّحَّةِ هُوَ الْعلم بالمانعية بِالْقُوَّةِ على مَا مر (وَجه) الْمَذْهَب (الْمُخْتَار) من أَن عدم النَّقْض فِي كل من المنصوصة لَيْسَ بِشَرْط فِي صِحَّتهَا (أَنه) أَي التَّخَلُّف وَعدم ثُبُوت الحكم فِي مَحل النَّقْض (تَخْصِيص لعُمُوم دَلِيل حكم) وَهُوَ مَا يدل عَلَيْهِ الْوَصْف من نَص فِي المنصوصة وَأحد المسالك فِي المستنبطة، وَالْحكم كَون الْوَصْف عِلّة، وعمومه شُمُوله جَمِيع صور وجود الْعلَّة بِاعْتِبَار ثُبُوت الحكم، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِدَلِيل الحكم الْعلَّة وبالحكم مَا هُوَ الْمُتَعَارف (فَوَجَبَ قبُوله) أَي قبُول تَخْصِيص عُمُومه (كاللفظ) أَي كَمَا يجب قبُول تَخْصِيص عُمُوم اللَّفْظ عِنْد وجود مَا يَقْتَضِيهِ. (وَمَا قيل) مَا مَصْدَرِيَّة وَالتَّقْدِير، وَقَوْلهمْ (الْخلاف مَبْنِيّ على الْخلاف فِي قبُول الْمعَانِي الْعُمُوم) أَو مَوْصُولَة، وَالتَّقْدِير: أَعنِي الْخلاف إِلَى آخِره، أَو الْمحل بدل من الْمَوْصُول: يَعْنِي الْخلاف الْمَذْكُور فِي هَذَا الْمقَام مَبْنِيّ على الْخلاف الْوَاقِع فِي قبُول الْمعَانِي الْعُمُوم (فالمانع) ثمَّ أَن لَهَا عُمُوما (إِذْ) الْمَعْنى وَاحِد (لَا تعدد إِلَّا فِي محاله) بِخِلَاف الْأَلْفَاظ لشمولها المتعدد بِذَاتِهِ (مَانع هُنَا) من تَخْصِيص الْعلَّة لِأَنَّهَا معنى، وَالْمعْنَى لَا يقبل الْعُمُوم، والتخصيص فرع الْعُمُوم (غير لَازم) خبر لقَوْله مَا قيل، وَقَول الشَّارِح الْخلاف مُبْتَدأ وَخَبره غير لَازم غير مُسْتَقِيم وَهُوَ ظَاهر (لوُقُوع الِاتِّفَاق حِينَئِذٍ) أَي حِين كَانَت حجَّة الْمَانِع هَذَا (على تعدد محاله) أَي الْمَعْنى (وَالْكَلَام هُنَا) أَي فِي تَخْصِيص الْعلَّة (لَيْسَ إِلَّا باعتبارها) أَي محالها، والمناقشة بِأَن التَّخْصِيص فرع الْعُمُوم، وَالْمعْنَى لَا يُوصف بِالْعُمُومِ غير موجه (إِذْ حَاصله) أَي حَاصِل تَخْصِيص الْعلَّة (أَنه) أَي الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلَّة (يُوجب الحكم فِي محاله) أَي فِي محَال ذَلِك الْوَصْف (إِلَّا مَحل الْمَانِع) وَإِذا صَحَّ حَاصِل الْمَعْنى المُرَاد فالمضايقة فِي التَّعْبِير بِلَفْظ التَّخْصِيص لَيْسَ من دأب المحصلين (وَالْمَانِع هُوَ دَلِيل التَّخْصِيص. وَبِه) أَي بِمَا ذكر من معنى تَخْصِيص الْعلَّة المستلزم عِنْد اعْتِبَارهَا لُزُوم الحكم لمُطلق الْعلَّة فِي جَمِيع الصُّور لكَون المخصصة من جملَة أفرادها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015