أَي الثَّابِتَة بِالنَّصِّ وعَلى الْمجمع عَلَيْهَا، مِثَال القاصرة (كجوهرية النَّقْدَيْنِ) أَي كَون الذَّهَب وَالْفِضَّة جوهرين متعينين لثمنية الْأَشْيَاء فِي تَعْلِيل حُرْمَة الرِّبَا فيهمَا فَإِنَّهُ وصف قَاصِر عَلَيْهِمَا (وَأما الِاسْتِدْلَال) للمختار بِأَنَّهُ (لَو توقف صِحَّتهَا) أَي الْعلَّة (على تعديها لزم الدّور) لتوقف تعديها على صِحَّتهَا إِجْمَاعًا (فدور معية) أَي فَغير تَامّ لِأَنَّهُ دور معية حَاصله التلازم لَا تقدم كل مِنْهُمَا على الآخر بِالذَّاتِ كتوقف كل من المتضايفين على الآخر، وَمَعْنَاهُ الْعلَّة لَا تكون إِلَّا متعدية، والمتعدية لَا تكون إِلَّا عِلّة (قَالُوا) أَي مانعو صِحَة التَّعْلِيل بهَا (لَا فَائِدَة) فِيهَا لانحصار فَائِدَة الْعلَّة فِي إِثْبَات الحكم بهَا فِي الْفَرْع وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَمَا لَا فَائِدَة فِيهِ لَا يَصح شرعا وَلَا عقلا (أُجِيب بِمَنْع حصرها) أَي الْفَائِدَة (فِي التَّعْدِيَة، بل معرفَة كَون الشَّرْعِيَّة) للْحكم (لَهَا) أَي لِلْعِلَّةِ فَائِدَة (أَيْضا لِأَنَّهُ) أَي كَون الشَّرْعِيَّة لَهَا لِأَنَّهُ (شرح للصدر بالحكم للاطلاع) على الْمُنَاسب الْبَاعِث لَهُ فَإِن الْقُلُوب إِلَى قبُول الْأَحْكَام المعقولة أميل مِنْهَا إِلَى قهر التَّعَبُّد (وَلَا شكّ أَنه) أَي الْخلاف (لَفْظِي فَقيل لِأَن التَّعْلِيل هُوَ الْقيَاس باصطلاح) للحنفية وَهُوَ أَعم من الْقيَاس باصطلاح الشَّافِعِيَّة فالنفي للأخص وَالْإِثْبَات للأعم فَلَا نزاع بِحَسب الْحَقِيقَة (وَلِأَن الْكَلَام فِي عِلّة الْقيَاس لِأَن الْكَلَام فِي شُرُوطه) أَي الْقيَاس (وأركانه) وَلَا شكّ أَن النَّافِي فِي هَذَا السِّيَاق لَا يزِيد إِلَّا عِلّة الْقيَاس وَلَا نزاع بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي هَذَا، فالمثبت لَا يزِيد إِثْبَات الْعلَّة القاصرة للْقِيَاس إِذْ لَا معنى لَهُ فَلَا يتوارد النَّفْي وَالْإِثْبَات فِي مَحل كل وَاحِد، وَلم يرد الْمُثبت مُخَالفَة النَّافِي بل بَيَان أصل التَّعْلِيل، بل يَصح بالقاصرة، والمولعون بِنَقْل الْخلاف نظرُوا إِلَى مَا توهمه ظَاهر كَلَامهم وَحَمَلُوهُ على الْخلاف (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن مُرَاد النَّافِي عِلّة الْقيَاس (فَلهم) أَي النافين من الْحَنَفِيَّة مَعَ غَيرهم (كثير مثله) من إِثْبَات الْعلَّة القاصرة (فِي الْحَج وَغَيره) كَمَا فِي الرمل فِي الأشواط الأول، وَكَانَ سَببه إِظْهَار الْجلد للْمُشْرِكين حَيْثُ قَالُوا: أضناهم حمى يثرب، ثمَّ بَقِي الحكم بعد زَوَال السَّبَب فِي زَمَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعده، وكما فِي وجوب الِاسْتِبْرَاء فِيمَا إِذا حدث لَهُ ملك الرَّقَبَة بتعرف بَرَاءَة الرَّحِم قَاصِر عَن الصَّغِيرَة والآيسة، كَذَا ذكره الشَّارِح.
وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا الْأَخير قُصُور آخر غير مَا نَحن فِيهِ فَتدبر (لَكِن رُبمَا سموهُ) أَي الْحَنَفِيَّة التَّعْلِيل بالقاصرة (إبداء حِكْمَة لَا تعليلا) تمييزا بَين القاصرة والمتعدية (وَجعله) أَي الْخلاف (حَقِيقِيًّا مَبْنِيا على اشْتِرَاط التَّأْثِير) فِي التَّعْلِيل (أَو الِاكْتِفَاء بالاخالة) فِيهِ من غير اشْتِرَاط التَّأْثِير كَمَا ذكره صدر الشَّرِيعَة (فعلى الأول) وَهُوَ اشْتِرَاط التَّأْثِير كَمَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّة (تلْزم التَّعْدِيَة) على الثَّانِي، وَهُوَ الِاكْتِفَاء بالاخالة (غلط، إِذْ لَا يلْزم فِيهِ) أَي فِي التَّأْثِير (وجود عين) الْمُدعى (عِلّة) أَي وجود عين الْوَصْف الَّذِي ادّعى