بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
أَي الْعلَّة (استلزم مَا تقدم من تَعْرِيفهَا اشْتِرَاط الظُّهُور والانضباط ومظنية الْحِكْمَة) وَهِي الَّتِي شرع الحكم لأَجلهَا (أَولا أَو بِوَاسِطَة مَظَنَّة أُخْرَى فلزمت الْمُنَاسبَة) بَينهَا وَبَين الحكم الَّذِي هُوَ معلولها (وَعدم الطَّرْد) أَي مُجَرّد وجود الحكم لأَجلهَا الَّذِي هُوَ معلولها عِنْد وجودهَا كَمَا مر بَيَانه. (وَمِنْهَا) أَي من شُرُوط الْعلَّة (أَن لَا يكون عدما لوجودي) وَهَذَا الشَّرْط (لطائفة من الشَّافِعِيَّة) مِنْهُم الْآمِدِيّ (وَغَيرهم) كَابْن الْحَاجِب وَصَاحب البديع وَغَيرهمَا (وَالْأَكْثَر) مِنْهُم الْبَيْضَاوِيّ مَذْهَبهم (الْجَوَاز) أَي جَوَاز كَونهَا عدما لوجودي (قيل وَجَوَاز) تَعْلِيل (العدمي بِهِ) أَي بالعدمي كَعَدم نَفاذ التَّصَرُّف بِعَدَمِ الْعقل (اتِّفَاق) كَمَا ذكره القَاضِي عضد الدّين وَغَيره. قَالَ (النَّافِي) جَوَاز تَعْلِيل الوجودي بالعدمي: (الْعلَّة) هِيَ الْأَمر (الْمُنَاسب) لمشروعية الحكم (أَو مظنته) أَي مَظَنَّة الْمُنَاسب فَإِن الْعلَّة باعث والباعث منحصر فِي الْمُنَاسبَة ومظنته (والعدم الْمُطلق ظَاهر) أَنه لَيْسَ مناسبا وَلَا مظنته، بل نسبته إِلَى جَمِيع الْمحَال وَالْأَحْكَام سَوَاء (و) الْعَدَم (الْمُضَاف إِمَّا) مُضَاف (إِلَى مَا فِي الشَّرْعِيَّة) أَي مَشْرُوعِيَّة الحكم (مَعَه مصلحَة) لذَلِك الحكم (فَهُوَ) أَي الْعَدَم الْمُضَاف (مَانع) من الحكم، لِأَن الْفَرْض أَن الْمصلحَة مَعَ وجوديه الَّذِي هُوَ مُضَاف إِلَيْهِ وَعدم الْمصلحَة مَانع مِنْهُ فَلَا يكون الْعَدَم الْمَذْكُور مناسبا للْحكم وَلَا مَظَنَّة لَهُ (أَو) مُضَاف إِلَى مَا فِي الشَّرْعِيَّة مَعَه (مفْسدَة) لذَلِك الحكم (فَهُوَ) أَي الْعَدَم الْمُضَاف حِينَئِذٍ (عَدمه) أَي عدم الْمَانِع وَهُوَ لَا يكون عِلّة لِأَن الْعلَّة مُقْتَض وَعدم الْمَانِع لَيْسَ بمقتض. وَاعْترض بِأَنَّهُ لم لَا يجوز أَن يكون منشأ لمصْلحَة ودافعا لمفسدة فَيكون مقتضيا من الْحَيْثِيَّة وعدما للمانع فَيصح التَّعْلِيل بِهِ (أَو) إِلَى (منَاف مُنَاسِب) للْحكم (حَتَّى جَازَ أَن يسْتَلْزم) الْعَدَم الْمُضَاف إِلَى منَاف مُنَاسِب (الْمُنَاسب) فَيحصل بِهِ الْحِكْمَة لاشْتِمَاله عَلَيْهِ من حَيْثُ الاستلزام (فَيكون) الْعَدَم الْمَذْكُور (مظنته) أَي الْمُنَاسب بِهَذَا الِاعْتِبَار