وبه قال الشافعيُّ وأصحابُه (?)، ومحمدُ بنُ عبد الحَكَم المالكيُّ (?)؛ لأنهم اتفقوا على وجوبِ الوضوءِ بالريحِ الخارجةِ من أسفل، وعدمِ إيجابه إذا خرجتْ من أعلى، وكلاهما ريحٌ واحدةٌ خارجةٌ من الجَوْف، فدل على أن الاعتبارَ بالمَخْرَجِ لا بالخارج، وضُغِّفَ بأن الريحينَ مختلفتان في الصفةِ والرائحةِ، فلا دلالةَ.
وقولُ أبي حنيفةَ وموافقتُه، أَقْيَسُ، وقولُ مالكٍ أقوى.
فإن قال قائلٌ: فـ (أو) موضوعةٌ في لسانِ العربِ لأحدِ الشيئين، أو الأشياءِ، إما تخييراً، أو إباحةً، أو تقسيماً وتفريعًا (?)، وغير ذلك (?)، فما معنى (أو) في قوله تعالى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6]؟
قلنا: معناها الجمعُ كالواو، فقد تأتي بمعنى الواو كثيراً في لسان العرب (?)، قال الشاعر (?) يصف السَّنَة: [البحر البسيط]
وكَانَ سِيَّانِ أَلا يَسْرَحوا نَعَماً ... أَوْ يَسْرَحوهُ بِها واغْبَرَّتِ السُّوحُ