* ثمَّ بينَ اللهُ سبحانَهُ مَحَلَّ هذهِ الكَفّارةِ، وأنه من قَبْلِ أنْ يَتَماسّا:
فحملَ مالك وأبو حنيفةَ والشافعيُّ -في أحد قوليه- المماسَّةَ على حَقيقَتِها منَ المُلامَسَةِ التي هيَ دُونَ الجِماع (?)، ومَعْلومٌ أنه إذا حَرَّمَ عليهِ المباشرةَ فيما دونَ الفرجِ، فتحريمُ الوَطْءِ في الفرج أَوْلى، فيحرمُ الجميعُ عندَهُ، إما لفَحْوى الخِطاب كما ذكَرْنا، وإما لحَمْلِ الاسمِ المشتركِ على جميعِ معانيهِ.
وأَلْحَقَ مالكٌ التَّلَذُّذَ بالنَّظَرِ بالمُباشرةِ (?).
وحَمَلَ الشافعيُّ -رحمهُ اللهُ تعالى- المُماسَّةَ في القَوْلِ الآخرِ، وهو الجديدُ، على الوطْءِ في الفَرْجِ (?)، وبهِ قالَ الثوريُّ (?)، وأحمدُ (?).
فإن قيلَ: فإذا خالفَ المُتَظاهِرُ ومَسَّ امرأتَهُ قبلَ أن يُكَفرَ، فكيفَ الحكمُ؟
قلنا: ذهبَ قوم إلى أَنَّه لا يلزَمُه شيءٌ؛ لأنَّ وقتَ الكَفّارة قد فاتَ، ولا يجبُ قَضاؤُها إلَّا بأمرٍ جَديدٍ، وهو معدومٌ (?).
وذهبَ الجمهورُ إلى وجوبِ الكفارةِ (?)، واستدلُوا بما رَوى ابنُ عباسٍ