وبه قالَ فقهاءُ الأمصارِ (?)، ويروى عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما (?) -.
وتمسَّكوا: إما بالقياسِ على الكلابِ، فكل ما قَبِلَ التعليمَ فهو آلةٌ لذكاةِ الصيد، وإما بأنه مشتق من الكَلَبِ الذي هو الشدة، لا من اسمِ الكَلْب، فيكونُ معناه: مُغْرينَ للجوارحِ على الصيد، وبهذا فسرهُ ابنُ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-.
* فإن قال قائل: فهل الإغراءُ أو الإرسالُ واجبٌ في الاصطيادِ، أولا؟.
قلت: هو واجب في قولِ جمهور العلماء، فلا يَحِلُّ ما أمسكه الكلبُ باسترساله؛ لقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]، أي: مُغْرين؛ كما فسره ابنُ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلتَ كلبكَ المُعَلَّمَ".
فإن قال: فهل تجُدُ في الآية دليلًا غيرَ تفسير ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-؟ قلت: نعم، قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4]، أي: على الاصطياد؛ إذ لا يجوزُ عودُ الضَّميرِ على الأكل، ويكون المرادُ التسميةَ عندَ الأكل، وإذا تعيَّنَ ذلك، وتعين وجوبُ التسمية عند من يقول به، تعينَ القولُ عنده بوجوبِ الإرسال (?).