الطلب له ثلاثة أحوال: أن يكون من الأعلى للأدنى، أو من الأدنى للأعلى، أو من المساوي.
فإن كان من الأعلى للأدنى فهو على وجه اللزوم، أي: من الرب الشارع المشرع سبحانه وتعالى، فإذا طلب من العبد شيئاً فعلى العبد أن يقول: استسلمت، وقد مدح الله إبراهيم بذلك فقال: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:131]، أي: استسلمت، ورؤيا الأنبياء وحي، وهي أمر من الله، فلما رأى أنه يذبح ابنه ما راجع هذه الرؤية؛ بل أخذ ابنه ليذبحه بأمر الله جل وعلا.
وإذا كان الطلب من الأدنى للأعلى فهو رجاء أو تمني أو دعاء، كقولك وأنت ترفع يديك: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286]، ربنا اغفر لنا وارحمنا، فكل هذا أمر، لكنه من الأدنى (العبد) للأعلى (الرب)، ومعناه: الطلب والترجي.
وأما إن كان من المساوي فهو طلب واستسماح والتماس، فإذا قلت لقرين مثلك: ائتني بكذا، فأنت تطلب منه أن يأتيك بما طلبت منه، أو تقول له: ائتني بكتاب الأصول، أي: ترجوه أن يأتيك بكتاب الأصول، أو تطلب منه أن يأتيك بكتاب الأصول.