مسألة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

هذه مسألة أخرى تتعلق بالأمر، وتدخل تحت قاعدة: الوسائل لها أحكام المقاصد، وهي مسألة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهي مسألة مهمة جداً، وهناك فرق بين ما لا يتم الوجوب إلا به فهو ليس بواجب، وبين ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، أي: شيء واجب عليك لا يمكن أن تصل إليه إلا بأمر آخر، فالأمر الآخر الذي سيوصلك إلى الواجب أيضاً واجب، مثال ذلك: رجل يجب عليه في الصلاة ستر العورة ومعه مال وليس عنده ثياب، فيجب عليه شراء الثوب، فالأصل في شراء الثوب أنه ليس بواجب، لكن يجب هنا لغيره؛ ليستر عورته من أجل الصلاة.

أيضاً: رجل كان يصلي مأموماً، فلما سلم الإمام أصبح حكمه منفرداً، وهو بعيد عن السترة، ونحن نقول: بوجوب السترة، وقد بينت ذلك بالأدلة القاطعة الدالة على وجوب السترة، وأرد على من يقول بالاستحباب، وإن كان هذا قول الجمهور، فإذا قام المأموم بعد سلام إمامه فهو منفرد، فإن كان بعيداً عن الاسطوانة يجب عليه أن يمشي، فالمشي في حقه هو أقل من ثلاث خطوات، أو ثلاث خطوات فقط، فالمشي في حقه إلى الاسطوانة، أي: إلى السترة واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

أما ما لا يتم الوجوب إلا به فهو ليس بواجب، مثل: وجوب إخراج الزكاة، لابد له من أن يتوافر شرطان: الشرط الأول: النصاب، والشرط الثاني: لا يجب على كل امرئ أن يذهب ليعمل ليل نهار، حتى يكتمل النصاب، إذاً: ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب، أي: ليس بواجب عليه أن يحصل أموالاً كثيرة ويسندها حتى تبلغ النصاب، هذا الفارق بين ما لا يتم الوجوب إلا به فهو ليس بواجب، وبين ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

أيضاً: رجل رأى ماء، ومعه مال ويريد أن يتوضأ، ولا يجد حتى التراب الذي يتيمم به، فيقول له: وجب عليك أن تشتري الماء بمالك هذا حتى تتوضأ للصلاة، فإنه لا يمكن أن تكون صلاتك صحيحة إلا بالوضوء، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فيجب عليه أن يشتري الماء حتى يتوضأ به، وهذا على خلاف فقهي عريض، فإن كان أصلاً سيبيع الماء بسعر مثله أو بأغلى من سعر مثله، فبعضهم يقول: لا يجب عليه شراء الماء، لكن هذا محل القصد الذي نريده في هذا الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015