التقليد نوعان: أحدهما محرم، والثاني: جائز.
التقليد المحرم هو: التقليد في أصول الشركيات، كتقليد الآباء والأجداد على أمر شركي أو أمر كفري، وهذا هو الذي ذمه الله تعالى في كتابه، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [البقرة:170]، وفي آية أخرى: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [لقمان:21]، {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة:170 - 171].
فالجاهل جهلاً مذموماً هو الذي يقلد آباءه في الأمور الشركية، أو يقلد آباءه في استباحة المحرم أو بفعل المحرم، فيقول: {وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:22].
التقليد الجائز -بل يجب على الذي ليس عنده آلة النظر- هو: أن يقلد المفتي فيما أفتى له.
ويحرم على المجتهد التقليد، وهذه قاعدة صحيحة جداً، قال الشيخ: أحمد شاكر في مقدمة رسالة قام بتحقيقها: لو أمرت مجتهداً أن يقلد مجتهداً لأمرت المجتهد أن يقلد الشافعي، فلا يصح للمجتهد أن يقلد في حال من الأحوال إلا في حالة واحدة، وذلك إذا ضاق الوقت في مسألة فورية، وما عنده الآلة للاجتهاد، ولا عنده الكتب التي تساعده، ولا عنده الوقت الذي يسعه أن ينظر ويستدل ويحقق ويرجح وينقح؛ فله أن يقلد غيره في ذلك، لكن عندما يجد سعة الوقت والعلم والنظر والاستدلال، فلابد وجوباً أن يبحث وينظر ويستدل حتى لا يقلد؛ لأن الذي يقلد والله قد منحه النعمة لا يشكر هذه النعمة التي منحه الله إياها، فالعالم قد منحه الله النظر في كتابه وسنة نبيه، فعليه أن يشكر الله بالعمل لله جل وعلا، وأن ينظر في الأدلة ويستخرج الفروع من الأصول.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.