الاستحسان المستند إلى المصلحة

يبقى لنا الاستحسان بالمصلحة ثم تضمين الصناع، فمثلاً: أعطيت رجلاً قميصاً ليصلحه أو ليكويه، وأعطيته أجرة على ذلك، فتلف عليه القميص أو احترق، فهل يضمنه أم لا؟ القاعدة العامة أنه لا يضمن؛ لأن الأجير يده يد أمانة، وكذلك المضارب، وعندما استأجرت هذا الرجل وأنت تعلم أنه متقن، وتعلم أنه أمين فيده يد أمانة ليس يد ضمان، لكن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره لما وجد أن الذمم خربت، وأن الصناع تلاعبوا استحسن أن يضمن الصانع، فنحن نقول: هذا ليس استحساناً، ولكنه من باب الشرط، والمسلمون عند شروطهم.

فصانع الملابس أو الذي يصلحها يضمن إن تلف عنده الثوب، وذلك ما لم يفرط فيه بحال من الأحوال.

فالعلماء قالوا: تضمين الصناع هذا من الاستحسان، ونحن نقول: هو ليس من الاستحسان، إنما هو من باب المسلمون عند شروطهم.

فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما استعار من صفوان بن أمية قال له: (عارية مضمونة)، والأصل عند جمهور أهل العلم أن يد المستعير يد أمانة لا يد ضمان، لكن عندما قال له: (عارية مضمونة)، فإنه اشترط له ضمان العارية.

فالاستحسان يكون دليلاً إن كان مستنده الشرع، أما إذا كان مستنده الهوى والميل، فلا يجوز في حال من الأحوال.

بهذا انتهينا من باب العرف والاستحسان، ويبقى لنا سد الذرائع والمصالح المرسلة في الأدلة المختلف فيها، ثم ندخل على مسألة الاستنباط العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين، وبعدها يكون فصل التعارض والترجيح والاجتهاد، ثم التقليد، ونكون بإذن الله قد انتهينا من الأصول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015