أركان القياس

القياس له أركان أربعة: الركن الأول: الأصل.

الركن الثاني: الفرع.

الركن الثالث: الحكم.

الركن الرابع: العلة.

فالركن الأول: الأصل، وهو المقيس عليه، ويشترط في الأصل: أن يثبت بالنص، والنص: كتاب أو سنة أو إجماع.

الركن الثاني: الفرع، وهو المقيس الذي نقيسه على الأصل.

الركن الثالث: الحكم، والمراد به الأحكام الخمسة: واجب أو محرم، فالمراد الحكم الذي اقتضاه الدليل الشرعي، فإذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب ربا إلا مثلاً بمثل يداً بيد) فهذا معناه: أن الذهب بالذهب مع التفاضل أو عدم التقابض ربا.

فيكون حكمه هنا أنه حرام، فيكون الحكم هو: ما اقتضاه الدليل الشرعي من إباحة أو استحباب أو تحريم أو وجوب.

الركن الرابع: العلة، وهي الوصف المناسب الذي من أجله وجد الحكم طرداً وعكساً.

كأن تقول مثلاً: حرمت الخمر للونها الأصفر، يعني: لو وجدت خمر لونها أحمر أو أبيض فهل تحل؟ لا تحل، بل هي محرمة، إذاً: هذه ليست علة؛ لأن العلة تكون وجوداً وعدماً طرداً وعكساً، والوصف المناسب هو الإسكار، فالإسكار هو العلة لتحريم الخمر.

ومعنى: (طرداً وعكساً) أي: إذا وجد الإسكار وجد التحريم، وإذا انتفى الإسكار انتفى التحريم.

فمثلاً: الخمر محرمة بالنص، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة:90] إلى أن قال: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} [المائدة:91] إذاً: ثبت التحريم بالكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سيأتي زمان على أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام وكل مسكر خمر).

فالمقصود: أن الخمر أصل ثبت تحريمه بالكتاب والسنة.

والفرع: البيرة، إذ أنها ليست ثابتة لا بالكتاب ولا بالسنة، فهذا الفرع نريد أن نلحقه بالأصل، ونسويه به في الحكم، وهو الحرمة، فيكون حكم بيع البيرة أو شرب البيرة أو شراء البيرة حرام.

فاستنتجنا هذا الحكم بجامع العلة، وهي الإسكار.

فإن قيل: قد يشرب رجل زجاجة كبيرة فلا يسكر؟ ف

صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسكر كثيرة فقليلة حرام) إذاً: قليله حرام؛ لأن كثيره مسكر؛ فهذا تطبيق عملي للأركان الأربعة، وكيفية إلحاق الفرع بحكم الأصل.

فإذا قيل: الخمر أصل، وعصير الموز فرع، فهل يلحق به؟ فنقول: إن عصير الموز لا يسكر، فالعلة منتفية فلا يلحق به.

وإذا قلنا: الخمر أصل، وماء الشعير فرع، فهل يمكن أن ألحق هذا الفرع بالأصل؟ فالجواب: لو تحققت علة الإسكار نلحقها بالخمر، فإن لم تحقق فإن الأصل في الأشياء الحل؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا} [البقرة:168] فـ (ما) صيغة من صيغ العموم، فكل ما في الأرض حلال طيب، إلا ما فصل لكم وحرم عليكم فإنه يكون حراماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015