القول الثاني: لبعض أهل العلم، ومنهم ابن حزم الظاهري ومن وافقه، فقالوا: أنه يجوز للحائض دخول المسجد والمكث فيه.
ولهم أدلة كثيرة منها: أولاً: البراءة الأصلية، إذ أن الأصل عدم المنع، إلا أن يأتي دليل يدل على المنع من دخول المسجد، فالأصل براءة الذمة، فلا نلزمها بعدم الدخول إلا بدليل أوضح من شمس النهار.
ثانياً: حديث المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد، فعن عائشة رضي الله عنها وأرضاها: أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فكان لها خدامة في المسجد.
ووجه الدلالة من ذلك: أنها سكنت المسجد، والمعهود من النساء الحيض، والله جل وعلا كتب ذلك على بنات آدم، فإنها لابد في لحظة من اللحظات وفي أيام معدودات من الشهر أن ينزل بها دم الحيض، ولم يمنعها النبي صلى الله عليه وسلم من المكث في المسجد مع أنه قد ينزل عليها دم الحيض، فدل ذلك على أنه يجوز للمرأة الحائض أن تبيت في المسجد، وأن تجلس فيه، وهذه أدلة الذين قالوا بجواز دخول المرأة الحائض المسجد، ولعل أقوى الأدلة لهم هو حديث المرأة التي كانت تقم المسجد.