قوله عز وجل: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165) } .
يقول تعالى: {قُلْ} يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام: {إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً} . قال ابن جرير: يقول: مستقيمًا؛ وذكر قراءتين ثم قال: والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متفقتا المعنى، فبأيّهما قرأ القارئ فهو للصواب مصيب، غير أن فتح القاف وتشديد الياء أعجب إليّ لأنه أفصح اللغتين وأشهرهما. وعن قتادة: {وَنُسُكِي} . قال: ذبحي. ... {وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ، أي: أول المسلمين من هذه الأمة. وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ} ، أي: جعلكم تعمرونها جيلاً بعد جيل، وقرنًا بعد قرن، وخلفًا بعد سلف.
قال ابن زيد وغيره: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} أي: فاوت بينكم في الأرزاق والأخلاق {لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} أي: ليختبركم فيما أنعم به عليكم، {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ ... رَّحِيمٌ} ترهيب لمن عصاه، وترغيب لمن أطاعه. والله أعلم.
* * *