يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} ، وهم يومئذٍ فيما ذُكر: ستمائة ألف مقاتل، فجعلهم فاسقين بما عصوا، فلبثوا أربعين سنة في فراسخ ستة، أو دون ذلك، يسيرون كل يوم جادّين لكي يخرجوا منها حتى يُمسوا، ونزلوا فإذا هم في الدار التي منها ارتحلوا، وأنهم اشتكوا إلى موسى ما فعل بهم، فأنزل عليهم المن والسلوى، وأعطوا من الكسوة ما هي قائمة لهم، ينشأ الناشئ فتكون معه على هيئة، وسأل من ربه أن يسقيهم، فأتى بحجر الطور، وهو حجر أبيض إذا ما نزل القوم ضربه بعصاه، فيخرج منه اثنتا عشرة عينًا لكل سبط منهم عين، قد علم كل أناس مشربهم، حتى إذا خلت أربعون سنة، وكانت عذابًا بما اعتدوا وعصوا. وأنه أوحى إلى موسى أن يأمرهم أن يسيروا إلى الأرض المقدسة، فإن الله قد كفاهم عدوهم، وقل لهم: إذا أتوا المسجد أن يأتوا الباب،
ويسجدوا إذا دخلوا، ويقولوا حطة، وإنما قولهم: حطة أن يحطّ عنهم خطاياهم، فأبى عامة القوم، وسجدوا على خدهم وقالوا: حنطة، فقال الله جل ثناؤه: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} .
وعن ابن عباس قال: لما دعا موسى قال الله: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} ، قال: فدخلوا التيه، فكل من دخل التيه ممن جاز العشرين سنة مات في التيه. قال: فمات موسى في التيه، ومات هارون قبله، قال: فلبثوا في تيههم أربعين سنة، فناهض يوشع بمن بقى معه مدينة الجبارين، فافتتح يوشع المدينة.
* * *