قال ابن جرير: أنعم الله عليهما بطاعة الله في طاعته بنبيه موسى - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن إسحاق: لما همّ بنو إسرائيل بالانصراف إلى مصر حين أخبرهم النقباء بما أخبروهم من أمر الجبابرة، خرّ موسى، وهارون على وجوهما سجودًا قدام جماعة بني إسرائيل، وخرق يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا ثيابهما وكانا من جواسيس الأرض، وقالا لجماعة بني إسرائيل: إن الأرض مررنا بها، وحسبناها صالحة رضيها ربنا لنا، فوهبنا لنا، وإنها لم تكن تفيض لبنًا وعسلاً، ولكن افعلوا واحدة، لا تعصوا الله، ولا تخشوا الشعب الذي بهما، فإنهم جبناء مدفوعون في أيدينا، إن جرّبناهم ذهبت منهم، وإن الله معنا فلا تخشوهم، فأراد الجماعة من بني إسرائيل [أن] يرجمونهما بالحجارة.
وقوله: {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) } .
عن المقداد بن الأسود أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا نقول كما قالت بنو إسرائيل: اذْهبْ أَنتَ وربُّك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون. ولكن نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون. رواه ابن جرير.
وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26) } .
قال ابن عباس: يقول: اقض بيننا وبينهم. قال الربيع: لما قال لهم القوم ما قالوا ودعا موسى عليهم، وأوحى الله إلى موسى أنها: {مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً