كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} ، قال ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي عند المقام فمرّ به أبو جهل بن هشام فقال: يا محمد ألم أنهك عن هذا؟ وتوعّده، فأغلظ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتهره، فقال: يا محمد بأيّ شيء تهدّدني؟ أما والله إنّي لأكثر هذا الوادي ناديًا، فأنزل الله: {فَلْيَدْعُ
نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} قال ابن عباس: لو دعا ناديه أخذته زبانية العذاب من ساعته.
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} ، قال البغوي: {كَلَّا} ليس الأمر ما عليه أبو جهل، {لَا تُطِعْهُ} في ترك الصلاة، {وَاسْجُدْ} وصلّ لله، {وَاقْتَرِبْ} من الله. وساق الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء» . قال: ومعنى: {أَرَأَيْتَ} ها هنا: تعجيبًا للمخاطب، وكرّر هذه اللفظة للتأكيد؛ قال: وتقدير نظم الآية: أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلّى وهو على الهدى أمر بالتقوى، والناهي مكذّب متولّ عن الإِيمان؟ أي: فما أعجب من هذا! {أَلَمْ يَعْلَمْ} ، يعني: أبا جهل، {بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ذلك فيجازيه؟ {كَلَّا} لا يعلم ذلك، {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ} عن إيذاء محمد - صلى الله عليه وسلم - وتكذيبه {لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ} لنأخذنّ بناصيته فلنجرّنّه إلى النار كما قال: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} يقال: سفعت بالشيء إذا أخذته وجذبته جذبًا شديدًا. والنصاية: شعر مقدّم الرأس. ثم قال على البدل {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} أي: صاحبها كاذب خاطئ. قال ابن عباس: (لما نهى أبو جهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة، انتهره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو جهل: أتنتهرني؟ فوالله لأملأنّ عليك هذا الوادي إن شئت