ويظهره على من ناوأه. وقال الحسن: لما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لاإله إلا الله» ، ويدعو الناس إلى ربهم، كادت العرب تكون عليه جميعًا. وقال ابن عباس: {لِبَداً} أعواقًا. وقال العوفى عن ابن عباس: لما سمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلو القرآن، كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول، فجعل يقرئه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} يستمعون القرآن. {كَادُوا} يعني: الجن {يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أي: يؤكب بعضهم

بعضًا ويزدحمون حرصًا على استماع القرآن. قال ابن حجر العسقلاني: (والمعنى أن الجن تزاحموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - لما استمعوا القرآن، وهو المعتمد) . انتهى.

{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} ، أي: قال لهم الرسول لما آذوه وخالفوه وكذبوه وتظاهروا عليه، ليبطلوا ما جاء به من الحق، واجتمعوا على عدواته {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} ، أي: إنما أعبد ربي وحده لا شريك له، وأستجير به، وأتوكل عليه، {وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً} .

وقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً} ، أي: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ، وعبد من عباد الله ليس لي من الأمر شيء في هدايتكم ولا غوايتكم، بل المرجع في ذلك كلّه إلى الله عز وجل. ثم أخبر عن نفسه أيضًا أنه لن يجيره من الله أحد: أي: لو عصيته فإنه لا يقدر أحد على إنقاذي من عذابه، {وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً} ، قال مجاهد: ملجأ. وعن قتادة: {إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} فذلك الذي أملك بلاغاً من الله ورسالاته.

{وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً * حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً} ، قال ابن كثير: أي: حتى إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015