قال ابن القيم: (أقسم بالكتاب وآلته وهو القلم، والأقلام متفاوتة في الرتب، فأعلاها وأجلّها قدرًا: قلم القدر السابق الذي كتب الله به مقادير الخلائق. الثاني: قلم الوحي هو: الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه. الثالث: قلم التوقيع عن الله ورسوله، وهو: قلم الفقهاء
والمفتين. الرابع: قلم طبّ الأبدان. الخامس: قلم التوقيع عن الملوك أو نوّابهم. السادس: قلم الحساب. السابع: قلم الحكم الذي تثبت به الحقوق. الثامن: قلم الشهادة. التاسع: قلم التعبير. العاشر: قلم تواريخ العالم. الحادي عشر: قلم اللغة. الثاني عشر: القلم الجامع، وهو قلم الردّ على المبطلين ورفع سنّة المحقّين) . انتهى ملخصًا.
{مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} ، قال البغوي: هذا جواب لقولهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} .
وقوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} ، قال ابن جرير: غير منقوص ولا مقطوع؛ {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، قال ابن عباس: يقول: إنك على دين عظيم وهو الإسلام. وقالت عائشة: كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن. وقال ابن زيد في قوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} قال: أدب القرآن. قال ابن كثير: ومعنى هذا أنه عليه الصلاة والسلام صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيّة له، وخلقًا تطبّعه وترك طبعه الجبليّ، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم، من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم، وكلّ خلق جميل. وفي الصحيحين عن أنس قال: (خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما