قال: {هُمُ الْعَدُوُّ} هذا ابتداء وخبره {فَاحْذَرْهُمْ} ولا تأمنهم {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} لعنهم الله {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} يصدفون عن الحقّ. وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن للمنافقين علامات يُعرفون بها: تحيّتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هجرًا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرًا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل صخب بالنهار» . رواه أحمد.
قوله عز وجل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) } .
قال ابن إسحاق: ولما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة -، يعني: مرجعه من أحد - وكان عبد الله بن أبيّ ابن سلول له مقام يقومه كل جمعة، لا ينكر شرفًا له من نفسه ومن قومه، وكان فيهم شريفًا، إذا جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال: أيها الناس هذا رسول الله بين أظهركم، أكرمكم الله به وأعزّكم به فانصروه وعزّروه واسمعوا له
وأطيعوا ثم يجلس؛ حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع -، يعني: مرجعه بثلث الجيش - ورجع الناس، قام يفعل ذلك كما كان يفعله، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا: اجلس أي عدوّ الله، لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت، فخرج يتخطّى رقاب الناس وهو يقول: والله لكأنما قلت بحرًا