قوله عز وجل: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) } .

قال البغوي: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ} ، يعني: عبد الله بن أبيّ بن سلول وأصحابه، {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} ، لأنهم أضمروا خلاف ما أظهروا و {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} ، سترة {فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} ، منعوا الناس عن الجهاد والإِيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا} أقرّوا باللسان، {ثُمَّ كَفَرُوا} إذا خلوا إلى المشركين، {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} ، بالكفر، {فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} الإِيمان {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} ، يعني: أن لهم أجسامًا ومناظر، {وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} فتحسب أنه صدق. قال عبد الله بن عباس: كان عبد الله بن أبيّ جسيمًا فصيحًا ذلق اللسان، فإذا قال سمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قوله: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام، {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} أي: لا يسمعون صوتًا في العسكر بأن نادى مناد، أو انفلتت دابّة، أو أنشدت ضالّة إلا

ظنّوا من جبنهم وسوء ظنهم أنهم يرادون بذلك، وظنوا أنهم قد أُتوا لما في قلوبهم من الرعب، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015