قوله عز وجل: {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) } .
عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» . وعن قتادة: قوله: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} ، ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة، قد أوجب الله لأهلها النار، أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا. وقال ابن زيد في قوله: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} ، قد غفرت ذلك لهم إذ {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ} ، قال
مجاهد: كنحو قوله: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} . {وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} ، أي: ترك المعاصي وفعل الطاعات. قال البغوي: {فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ} ، لا تبرئوها عن الآثام ولا تمدحوها بحسن أعمالها {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} .
قوله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى (34) أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ