الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) } .
قال مقاتل في قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} ، يعني: الجنة.
قلت: وهذه الآية كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ ... يَعْمَلُونَ} .
وعن مجاهد قوله: {وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ} فهاجروا واعتزلوا الأوثان.
وعن قتادة: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} لا والله ما هناكم مكيال ولا ميزان، {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ} ، قال البغوي: مخلصًا له التوحيد لا أشرك به شيئًا. {وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} من هذه الأمة. {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} وعبدت غيره، {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وهذا حين دعي إلى دين آبائه. ... {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} أمر توبيخ وتهديد، وقال ابن كثير: يقول تعالى: قل يا محمد - وأنت رسول الله -: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ، وهو يوم القيامة - وهذا شَرْط - ومعناه: التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى.
وعن ابن عباس قوله: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، قال: هم: الكفار الذين خلقهم الله للنار، وخلق النار لهم، فزالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنة. وقال ابن زيد: هؤلاء أهل النار، خسروا أنفسهم في الدنيا وخسروا الأهل، فلم يجدوا في النار أهلاً وقد كان لهم في الدنيا أهل. {أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} .