وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه. وعن قتادة: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ} نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظامًا، ثم لحمًا، ثم أنبت الشعر؛ أطوار الخلق في ظلمات ثلاث: المشيمة، والرحم، والبطن.
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} قال ابن كثير: أي: هذا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما، وخلقكم وخلق آباءكم، هو الربّ {لَهُ الْمُلْكُ} والمتصرّف في جميع ذلك، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، أي: الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، ... {فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} فكيف تعبدون معه غيره؟ أين يُذهب بعقولكم؟
وقوله تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} أي: لا يحبّه، ولا يأمر به، {وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} ، قال السدي: إن تطيعوا يرضه لكم. وقال ابن كثير: أي: يحبّه لكم، ويزدكم من فضله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، قال السدي: لا يؤخذ أحد بذنب أحد. وقال ابن كثير: أي: لا تحمل نفس عن نفس شيئًا، بل كل مطالب بأمر نفسه. {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} ، أي: فلا تخفى عليه خافية.
قوله عز وجل: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (9) } .
عن قتادة: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ} ، قال: الوجع، والبلاء، والشدة. {دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ} ، قال: مستغيثًا به، {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ} ، قال السدي: إذا أصابته عافية