ابن عباس قوله: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} ، يعني: النصرانية، فقالوا: لو كان هذا القرآن حقًا أخبرتنا به النصارى، وعن قتادة: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} أي: في ديننا هذا ولا في زماننا قطّ، {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} إلا شيء تخلّقه. وقال ابن زيد قالوا: إن هذا إلا كذب.

{أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} ، قال البغوي: القرآن، {مِن بَيْنِنَا} وليس بأكبرنا ولا أشرفنا؟ يقوله أهل مكة؛ قال الله عزّ وجلّ: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي} ، أي: وحيي وما أنزلت، {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} ، ولو ذاقوه لما قالوا هذا القول. {أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} ، يعني: نعمة ربك، يعني: مفاتيح النبوّة يعطونها من شاءوا؟ ونظيره: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} ، أي: نبوّة ربك؟ {الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} العزيز في ملكه، الوهّاب وهب النبوّة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، {أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} ، أي: ليس لهم ذلك، {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} ، أي: إن ادّعوا شيئًا من ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء، فليأتوا

منها بالوحي إلى من يختارون. قال مجاهد، وقتادة: أراد بالأسباب: أبواب السماء وطرقها من سماء إلى سماء، وكل ما يوصلك إلى شيء من باب أو طريق فهو سببه، وهذا أمر توبيخ وتعجيز.

{جُندٌ مَّا هُنَالِكَ} أي: هؤلاء الذين يقولون هذا القول جند هنالك، (وما) صلة، {مَهْزُومٌ} مغلوب، {مِّنَ الْأَحْزَابِ} ، أي: من جملة الأجناد، يعني: قريشًا. قال قتادة: أخبر الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكّة أنه سيهزم جند المشركين وقال: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فجاء تأويلها يوم بدر، وهنالك إشارة إلى بدر ومصارعهم، {مِّنَ الْأَحْزَابِ} ، أي: من جملة الأحزاب. أي: هم من القرون الماضية الذين تحزّبوا وتجمّعوا على الأنبياء بالتكذيب، فقُهروا وأُهلكوا. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015