وهي قوله: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ} سخرناها لهم {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} ، أي: ما يركبون وهي الإبل، {وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} لحمانها. {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} ، أي: من أصوافها وأوبارها ونسلها وَمَشَارِب من ألبانها، {أَفَلا يَشْكُرُونَ} رب هذه النعم؟ وقال ابن جرير يقول: {أَفَلا يَشْكُرُونَ} نعمتي هذه وإحساني إليهم بطاعتي، وإفراد الألوهية لي والعبادة، وترك طاعة الشيطان وعبادة الأصنام؟
وقوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ * لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ} . قال ابن كثير: يقول تعالى منكرًا على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله، يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الآلهة وترزقهم وتقربهم إلى الله زلفى.
قال الله تعالى: {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} ، أي: لا تقدر الآلهة على نصر عابديها، بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل، وأحقر وأدحر، بل لا تقدر على الانتصار لأنفسها، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء؛ لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.
وقوله تبارك وتعالى: {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} ، قال مجاهد: يعني: عند الحساب، يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة، محضرة عند حساب عابديها، ليكون ذلك أبلغ في حزنهم، وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم. وقال قتادة: {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} ، يعني: الآلهة، {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} ، والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرًا، ولا تدفع عنهم شرًا.
وقوله تعالى: {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} ، أي: تكذيبهم لك وكفرهم بالله، {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} وسنجازيهم على أعمالهم.
قوله عز وجل: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ
(78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ