وروى مسلم وغيره في حديث أبي هريرة (الطويل) : «ثم يلقى الثالث فيقول: ما أنت؟ فيقول: أنا عبدك آمنت بك وبنبيّك وبكتابك، وصمت وصلّيت وتصدّقت، ويثني بخير ما استطاع، قال: فيقال له: ألا نبعث عليك شاهدًا؟ فيفكر في نفسه: من الذي يشهد عليه؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه: انطقي قال: فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل، وذلك المنافق ليعذر من نفسه، وذلك الذي يسخط الله تعالى عليه» .
قوله عز وجل: {وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا
مُضِيّاً وَلَا يَرْجِعُونَ (67) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (68) وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70) } .
{وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} ، أي: الطريق، {فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} ، يقول: لو شئنا لتركناهم عميًا يتردّدون، {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} أي: لأقعدناهم على أرجلهم {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ} فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا، {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} يقول: من نمد له في العمر ننكسه في الخلق {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً} ، يعني: الهرم، {أَفَلَا يَعْقِلُونَ} . قال البغوي: فيعتبروا، ويعلموا أن الذي قدر على تصريف أحوال الناس يقدر على البعث بعد الموت. وعن قتادة قوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ} ، قال: قيل لعائشة: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: (كان أبغض الحديث إليه، غير أنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس، فيجعل آخره أوله، وأوله آخره، فقال أبو بكر: أنه ليس