وقال ابن كثير: ثم قال جل وعلا: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} ، أي: جعلناه يسير سيرًا آخر يُستدلّ به على مضيّ الشهور، كما أن الشمس يُعرف بها الليل والنهار، كما قال عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} ، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ * مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} .
وقوله تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ} ، قال مجاهد: لكل منهما حدّ لا يعدوه ولا يقصّر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا. {وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} قال الضحاك: لا يذهب الليل من ها هنا حتى يجيء النهار من ها هنا. ... {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، قال ابن عباس: يجرون في فَلَكَةٍ كَفَلَكَةِ المغزل. وقال مجاهد: الفَلَكُ كحديدة الرَّحى، أو كفلكة المغزل لا يدور المغزل إلا بها، ولا تدور إلا به.
قوله عز وجل: {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (44) } .
قال البغوي: والمراد بالذرية: الآباء، والأجداد. واسم الذرية يقع على الآباء كما يقع على الأولاد. {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} ، أي: المملوء، وأراد سفينة نوح، وهؤلاء من نسل من حُمل مع نوح، وكانوا في أصلابهم. وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تدرون ما: {وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} ؟ قلنا: لا، قال: هي