الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} .

وقوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} ، هذه حكمة أخرى معطوفة على التي قبلها، وهي: أن المؤمنين بما أنزل على الرسل إذا شاهدوا قيام الساعة ومجازاة الأبرار والفجار، بالذي كانوا قد علموه من كتب الله تعالى في الدنيا، رأوه حينئذٍ عين اليقين ويقولون يومئذٍ أيضًا: {لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} ، ويقال أيضًا: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} ، {لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} ، {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} ، {الْعَزِيزِ}

هو: المنيع الجناب الذي لا يغلب ولا يمانع، بل قد قهر كل شيء وغلبه، {الْحَمِيدِ} في جميع أقواله وأفعاله وشرعه، وقدره، وهو المحمود في ذلك كله جلّ وعلا.

وقال البغوي: قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} ، يعني: مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه. وقال قتادة: هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - {الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} ، يعني: القرآن، {هُوَ الْحَقَّ} ، يعني: أنه من عند الله، {وَيَهْدِي} ، يعني: القرآن، {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} وهو: الإِسلام.

قوله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015