الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) } .

قال ابن كثير: هذه إحدى الآيات الثلاث التي لا رابع لهنّ، مما أمر الله تعالى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم بربه العظيم على وقوع المعاد لَمَّا أنكره مَنْ أنكره من أهل الكفر والعناد، فإحداهن في سورة يونس عليه السلام وهي قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} ، والثانية هذه: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} ، والثالثة في سورة التغابن وهي قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ، فقال تعالى: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} ثم وصفه بما يؤكّد ذلك ويقرّره، فقال: {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} .

قال مجاهد، وقتادة: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ} : لا يغيب عنه. أي: الجميع متدرّج تحت علمه فلا يخفى عليه شيء، فالعظام وإن تلاشت وتفرّقت وتمزّقت، فهو عالم أين ذهبت وأين تفرقت، ثم يعيدها كما بدأها أول مرة فإنه بكل شيء عليم؛ ثم بين حكمته في إعادة الأبدان، وقيام الساعة بقوله

تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} .

{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} ، أي: سعوا في الصدّ عن سبيل الله تعالى وتكذيب رسله، {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} ، أي: لينعم السعداء من المؤمنين ويعذّب الأشقياء من الكافرين، كما قال عز وجل: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015