زيد بن حارثة. {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} ، أي: هذا حكم الله تعالى في الأنبياء قبله، لم يكن ليأمرهم بشيء وعليهم في ذلك حَرج، وهذا رَدٌّ على مَنْ تَوَهَّم مِن المنافقين نقصًا في تزويجه امرأة زيد مولاه ودَعيه، الذي كان قد تبناه. {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} ، أي: وكان أمره الذي يقدِّره كائنًا لا محالة، وواقعًا لا محيد عنه ولا معدل، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ} .

قال البغوي: يعني: سنّة الله في الأنبياء الذين يبلغون رسالات الله، ... {وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ} أي: لا يخشون قالة الناس ولائمتهم فيما أحلّ الله لهم وفرض عليهم {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} ، حافظًا لأعمال خلقه ومحاسبهم.

ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تزوج زينب قال الناس: إن محمدًا تزوج امرأة ابنه، فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} ، يعني: زيد بن حارثة , أي: ليس أبا أحد من رجالكم الذين لم يلدهم فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها. {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ختم الله به النبوة. وعن ابن عباس: أن الله تعالى لما حكم أن لا نبي بعده لم يعطه ولدا ذكرا يصير رجلاً، {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} . وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارًا فأكملها وأحسنها، إلا موضع لبنة، فكان من دخلها فنظر إليها قال: ما أحسنها إلاَّ موضع هذه اللبنة، فإن موضع اللبنة ختم بي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام» . متفق عليه.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015