والشباب، والشيبة، {وَهُوَ الْعَلِيمُ} بتدبير خلقه، {الْقَدِيرُ} على ما يشاء.
قوله عز وجل: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) } .
عن قتادة: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} ، أي: يكذّبوك في الدنيا، وإنما يعني بقوله: يُؤْفَكُونَ} عن الصدق ويصدّون عنه إلى الكذب.
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن جهل الكفار في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا فعلوا ما فعلوا من عبادة الأوثان، وفي الآخرة يكون منهم جهل عظيم أيضًا، فمنه إقسامهم بالله أنهم ما لبثوا غير ساعة واحدة في الدنيا، ومقصودهم بذلك عدم قيام الحجّة عليهم، وأنهم لم ينتظروا حتى يُعذَر إليهم، قال الله تعالى: {كَذَلِكَ كَانٌوا يُؤْفَكُون} ، {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} ، أي: فيرد عليهم المؤمنون العلماء في الآخرة، كما أقاموا عليهم حجة الله في الدنيا، فيقولون لهم حين يحلفون ما لبثوا غير ساعة: {لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ} ، أي: في كتاب الأعمال، {إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} ، أي: من يوم خلقتم إلى أن بعثتم، {وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} . قال الله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ} ، أي: يوم القيامة، {لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ} ، أي: اعتذارهم عما فعلوا، {وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} ، أي: ولا هم يرجعون إلى الدنيا، كما قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} .