كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53) } .
قال عبيد بن عمير: الرياح أربع: يبعث الله ريحًا فتقمّ الأرض قمًا، ثم يبعث الله الريح الثانية فتثير سحابًا فيجعله في السماء كسفًا، ثم يبعث الله الريح الثالثة فيؤلّف بينه فيجعله ركامًا، ثم يبعث الله الريح الرابعة فتمطر. وعن قتادة: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} ، أي: قطعًا، {فَتَرَى الْوَدْقَ} ، قال مجاهد: القطر، {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} ، قال ابن كثير: أي: فترى المطر وهو القطر يخرج من بين ذلك السحاب. وقوله تعالى: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} ، قال قتادة: قانطين. قال في جامع البيان: {وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم} المطر، {مِّن قَبْلِهِ} تكرير للتأكيد، ومعنى
التأكيد: الدلالة على بُعد عهدهم بالمطر واستحكام بأسهم، {لَمُبْلِسِينَ} آيسين. وقوله تعالى: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} ، قال البغوي: أراد برحمة الله المطر، أي: انظر إلى حسن تأثيره في الأرض، قال مقاتل: أثر رحمة الله. أي: أثر نعمته وهو النبت، {كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً} ، باردة مضرّة فأفسدت الزرع، {فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً} ، أي: رأوا