وقوله تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} ، وقال مجاهد: عن بُعْدٍ. قال قتادة: وهم لا يشعرون أنها أخته، قال: جعلت تنظر إليه كأنها لا تريده.
قوله عز وجل: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) } .
عن مجاهد في قوله: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ} ، قال: لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه. وقال السدي: أرادوا المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء، وجعل النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع، فأبى أن يأخذ، فذلك قوله: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ} أخته: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} ؟ فلما جاءت أمه أخذ منها. قال ابن جريج: فعلقوها حين قالت: {وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} ، قالوا: قد عرفته، قالت: إنما أردت هم للملك ناصحون.
قال البغوي: وقيل: لما قالت: هل أدلكم على أهل بيت؟ قالوا لها: مَنْ؟ قالت: أمي، قالوا: ولأمك ابن؟ قالت: نعم هارون، وكان هارون ولد في سنة لا يُقتل فيها الولدان، قالوا: صدقت.
وقال ابن كثير: فلما رأتهم حائرين فيمن يرضعه قالت: هل أدلّكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون؟ قال ابن عباس: فلما قالت ذلك أخذوها، وشكّوا في أمرها. وقالوا لها: وما يدريك بنصحهم له وشفقتهم عليه؟ فقالت لهم: نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في سرور الملك ورجاء منفعته، فأرسلوها، فلما قالت لهم ذلك وخلصت من أذاهم ذهبوا معها إلى منزلهم فدخلوها به على أمه فأعطته ثديها فالتقمه، ففرحوا بذلك فرحًا شديدًا، وذهب البشير إلى امرأة الملك