أن تربطه، فذهب مع الماء واحتمله، حتى مرّ به على دار فرعون، فالتقطه الجواري فاحتملنه فذهبن به إلى امرأة فرعون ولا يدرين ما فيه، فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله وأحلاه وأبهاه، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه، وذلك لسعادتها وما أراد الله من كرامتها وشقاوة بعلها، ولهذا قال: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} .
قال قتادة: {عَدُوّاً} لهم في دينهم، {وَحَزَناً} لما يأتيهم، {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} .
قال البغوي: عاصين آثمين.
قال ابن جرير: فلذلك كان لهم موسى عدوًّا وَحَزَنًا. وعن محمد بن قيس قال: قالت امرأت فرعون {قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} ، قال فرعون: قرّة عين لكِ أمّا لي فلا. قال محمد بن قيس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قال فرعون: قرّة عين لي ولك، لكان لهما جميعًا» . وعن قتادة: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} ، قال: وهم لا يشعرون أن هلكتهم على يديه وفي زمانه.
وعن ابن عباس في قوله: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً} ، قال: فارغًا من كل شيء إلا من ذكر موسى، {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أن تقول: يا ابناه، {لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} .
قال البغوي: بالعصمة، والصبر، والتثبيت. {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} المصدّقين لوعد الله حين قال لها: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} .
وعن ابن عباس: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} ، أي: قُصّي أثره واطلبيه، هل تسمعين له ذكرًا، أحيّ ابني، أو قد أكلته دوابّ البحر وحيتانه؟ ونسيت الذي كان الله وعدها.