قوله عز وجل: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) } .
قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ} ، أهل الغيّ لا أهل الرشاد والهدى. وقال مجاهد: يتبعهم الشياطين. وعن ابن عباس: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} ، يقول: في كل لغو يخوضون. وقال قتادة: يمدحون قومًا بباطل، ويشتمون قومًا بباطل.
وقوله تعالى: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} ، قال البغوي: أي: يكذبون في شعرهم، يقولون: فعلنا وفعلنا وهم كَذَبة. وعن ابن عباس: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً} في كلامهم، ... {وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} ، قال: يردّون على الكفار الذين كانوا يهجون المؤمنين. وروى البغوي عن كعب بن مالك أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قد أنزل في الشعر ما أنزل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل» . وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة يمشي بين يديه ويقول:
خلّوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربًا يزيل الهمام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي حرم الله تقول الشعر؟ ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خلّ عنه يا عمر، فلهي أسرع فيهم من نضح