{فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ} ، يعني: على الرسول ما كُلَّف وأمر به من تبليغ الرسالة، {وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ} من الإجابة والطاعة، {وَإِن تُطِيعُوهُ} تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
قوله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57) } .
عن أبي العالية قوله {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية. قال: مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين خائفًا يدعو إلى الله سرًا وعلانية، ثم أمر بالهجرة إلى المدينة، فمكث بها هو وأصحابه خائفين يصبحون في السلاح ويمسون فيه، فقال رجل: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصبرون إلاَّ يسيرًا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيًا ليس فيه حديدة» ، فأنزل الله هذه الآية: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ} إلى قوله: {وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ} ، قال: يقول: من كفر بهذه النعمة، {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وليس يعني الكفر بالله؛ قال: فأظهره الله على جزيرة العرب فآمنوا ثم تجبّروا فغيّر الله ما بهم، وكفروا بهذه النعمة فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفعه عنهم.
قال ابن كثير: فالصحابة رضي الله عنهم لما كانوا أقوم الناس بعد