وقوله تعالى: {وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} ، قال ابن زيد: قاله أهل الكفر لنبيهم لما جاء به من عند الله، زعموا أنه ساحر وأن ما جاء به من سحر قالوا: أتأتون السحر وأنتم تبصرون؟ {قال} ، أي: محمد، وفي قراءة: {قل رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ} ، لا يخفى عليه خافية، وهو الذي أنزل هذا القرآن، {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأقوال الخلق، {الْعَلِيمُ} بأحوالهم.
{بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ} عن ابن عباس قوله: {أضغاث أحلام} ، قال: مشتبهة. وعن قتادة قوله: {أضغاث أحلام} ، أي: فعل حالم، إنما هي رؤيا رآها، {بل افتراه بل هو شاعر} كل هذا قد كان منهم.
قال البغوي: يعني: أن المشركين اقتسموا القول فيه وفيما يقوله فقال بعضهم: أضغاث أحلام، وقال بعضهم: بل هو فرية، وقال بعضهم: بل محمد شاعر، وما جاءكم به شعر، فليأتنا بآية إن كان صادقًا كما أرسل الأولون؛ قال الله تعالى مجيبًا لهم: {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ} الرسل إذا جاؤوا قومهم بالبينات فلم يؤمنوا لم ينظروا.
قوله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ
وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) } .
عن قتادة قوله: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ، يقول: فاسألوا أهل التوراة والإنجيل.