قال البغوي: يعني: على شجرة إن أكلت منها بقيت مخلدًا؟ {وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} لا يبيد ولا يفنى؟ {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ} ، قال السدي: أقبلا يغطيان عليهما بورق التين، {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} وفقه للتوبة.
قوله عز وجل: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) } .
وعن ابن عباس قال: تضمّن الله لمن قرأ القرآن واتّبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا هذه الآية: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا
يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} ، يقول: الشقاء. وعن الضحاك: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} ، قال: الكسب الخبيث. وقال سعيد بن جبير: يسلبه القناعة حتى لا يشبع. وعن ابن عباس قال: كل مال أعطي العبد قلّ أو كثر، فلم يتق فيه، فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة، وإن أقوامًا أعرضوا عن الحق وكانوا أُولي سعة من الدنيا مكثرين، فكانت معيشتهم ضنكًا، وذلك أنهم يرون أن الله ليس بمخلف لهم معايشهم، من سوء ظنهم بالله.
وقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} ، قال ابن عباس: أعمى البصر، {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} . قال مجاهد في قوله: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} ، قال: فتركتها،