قال ابن عباس: لما قال القوم: {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} ، أقام هارون فيمن تبعه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: {فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} وكان له هائبًا مطيعًا.
قوله عز وجل: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98) } .
قال ابن زيد في قوله: {فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ} ، قال: ما أمرك؟ ما شأنك؟ ما هذا الذي أدخلك فيما دخلت فيه؟ {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} . قال قتادة: يعني: فرس جبريل - صلى الله عليه وسلم -، {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} ، قال ابن زيد: كذلك حدثتني نفسي. وقال قتادة: كان والله السامريُ عظيما من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة، ولكنّ عدو الله نافق بعدما قطع البحر مع بني إسرائيل.
وقال ابن كثير: {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} ، أي: حَسَّنَتْهُ وأعجبها إذ ذاك، {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ} ، أي: كما أخذت ومسست ما لم يكن لك أخذه ومسه من أثر الرسول، فعقوبتك في الدنيا، {أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ} ، أي: لا تماسّ الناس ولا
يمسّونك، {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً} ، أي: يوم القيامة، {لَّنْ تُخْلَفَهُ} ، أي: لا يحيد لك عنه.